علوم للجميع | المنتدى |
|
||||||
يحوي قسم الـ , الحوار العامللنقاش الهادف والبناء والمواضيع العامه |
#1
|
||||
|
||||
خطبة الجمعة 2016/9/23 من يستحق الاحترام والثناء
حذّر تعالى الله نبيّه صلى الله عليه وسلم من أن يُخدَع بالمنافقين وحذرنا جميعاً من ذلك فقال سبحانه ( وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم... ) وروى الإمام البخاري عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه مرَّ رجلٌ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال لرجلٍ عِندَه جالسٌ " ما رأيُك في هذا "؟ فقال رجلٌ من أشرافِ الناسِ، هذا واللهِ حرِيٌّ إن خطَب أن يُنكَحَ، وإن شفَع أن يُشَفَّعَ، قال فسكَت رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثم مرَّ رجلٌ، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم " ما رأيُك في هذا " فقال: يا رسولَ اللهِ، هذا رجلٌ من فُقَراءِ المسلمينَ، هذا حَرِيٌّ إن خطَب أن لا يُنكَحَ، وإن شفَع أن لا يُشَفَّعَ، وإن قال أن لا يُسمَعَ لقولِه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم " هذا خيرٌ من مِلءِ الأرضِ مثلِ هذا " سأل أحدهم: من الذي يستحقّ الاحترام؟ من هو المحترم؟ نرى من يحترم القوي لقوته، أو يبدو منه ذلك! أو يحترم ذا المال لماله، أو ذا الجاه لجاهه، أو ما سوى ذلك من الأسباب الظاهرة! يفعل كثير منا ذلك أو لعل كثيراً منا يغفل عن.. يفوته أن يكون سلوكه سبباً لاحترام الناس له، وإن كانوا هم لا يستحقون الاحترام ولعل من وعى كتاب الله وفهم هدي رسول الله وصل إلى يقين أن الحكم على الناس ليس بظواهرهم ولا بأشكالهم، ليس بملابسهم أو زينتهم.. حدث رجل من أهل مكة /أو المقيمين فيها/ أنه صلى في الحرم وطاف بالكعبة المشرفة فرأى رجلاً من عمال الخدمة في الحرم، بلباسه ومظهره وسحنته الهندية، فناداه كما اعتادوا: يا صديق، تعال، وأخرج شيئاً يسيره من ماله يريد أن يتصدق به عليه، عندها أخرج ذلك العامل محفظته فإذا هي ملآى بعدد من بطاقات الائتمان التي لا يحملها إلا الأثرياء، ومن لهم حسابات في المصارف العالمية! واعتذر عن قبول المال، وقال أعطِه غيري فأنا غني ولله الحمد! لم يتوقع الرجل ذلك، ولم يصدّق ما رأى، عامل خدمة في الحرم، وهذا ما في محفظته! فسأل عاملاً أخر: من هذا؟ فقال هذا ملياردير، صاحب أكبر سلسلة فنادق في الهند! رجل مسلم أنعم الله عليه بالمال، يحصل كل ستة أشهر على تأشيرة زيارة يتفرغ فيها ثلاثة أشهر أو أربعة، متطوعاً لخدمة بيت الله عز وجلّ، عامل نظافة في الحرم ابتغاء وجه الله تعالى، ثم يعود ليتابع أعماله! ليست قصة من نسج الخيال، فما زال في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من أمثال هؤلاء على مرّ السنين، ولله الحمد والشاهد من القصة هل نحكم بلباسه؟ هل نحكم عليه بمظهره وسحنته؟ بماذا نحكم على الناس؟ وكيف نقدّر من يستحق الاحترام؟ ألا تذكرون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه " كم من أشعث أغبر لا يُؤبَه له، لو أقسم على الله لأبَرَّه، منهم البراء بن مالك " /لو أقسم على الله، أي لو طلب من الله حالفاً عليه أن يحقق له ما يريد، لاستجاب الله له/ كم من أشعث أغبر.. ليست دعوة لإهمال النظافة أو المظهر، ولكنها دعوة إلى الحكم على الناس بما أودع الله في قلوبهم، لا بما يبدو لنا من مظاهرهم. روى الإمام البخاري عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم حدّث عن رفع الأمانة فقال " ينام الرجلُ النومةَ، فتقبضُ الأمانةُ من قلبِه، فيظل أثرُها مثل أثرِ الوكتِ، ثم ينام النومة فتُقبَض فيبقى أثرُها مثلُ المَجلِ، كجمرٍ دحرجتَه على رجلِك فنفطَ، فتراه منتبراً وليس فيه شيءٌ، فيصبح الناسُ يتبايعون، فلا يكاد أحدُهم يؤدي الأمانة! فيقال: إنَّ في بني فلان رجلاً أميناً، ويقال للرجلِ: /وهنا الشاهد من الحديث/ ما أعقلَه وما أظرفَهُ وما أجلدَهُ، وما في قلبهِ مثقالُ حبةٍ خردلٍ من إيمانٍ " تأملوا تقييمات الناس ما أبعدها عن الحق والصواب! يُمدَح رجل فيقال ما أعقله! أين عقله إذا خلا قلبه من الإيمان؟! يُقال ما أظرفه! ظريف.. محبوب.. نجمه ساطع بين أهله ويقال ما أجلده! قويّ.. شغّيل.. صاحب قوة في بدنه، أو حرفته وصنعته وما في قلبهِ مثقالُ حبةٍ خردلٍ من إيمانٍ قال الأصمعي وأبو عمرو وغيرهما /جذرُ قلوبِ الرجالِ : الجذرُ :الأصلُ من كلِّ شيءٍ، والوكتُ :أثرُ الشيءِ اليسيرِ منهُ، والمجلُ :أثرُ العملِ في الكفِّ إذا غلُظ/ إخوة الإيمان: حري بنا أن نعود فنتأمل.. علامَ نربي أنفسنا وأبنائنا وبناتنا؟ وأي حكم يرضاه الله عز وجل لنا في نظرة بعضنا إلى بعض؟ في سعي أحدنا ليكون محترماً، ويحترم غيره؟ ولْنتذكّر حديثه صلى الله عليه وسلم /المشهور بين الناس/ برواية الإمام مسلم وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه " إنَّ اللهَ لا ينظرُ إلى صورِكُم وأموالِكُم، ولَكِن ينظرُ إلى قلوبِكُم وأعمالِكُم " وفي رواية " إنَّ اللهَ لا ينظرُ إلى أجسادِكُم، ولا إلى صورِكُم، ولَكِن ينظرُ إلى قلوبِكُم وأشارَ بأصابعِهِ إلى صدرِهِ التقوى ههنا " ليست في المظهر، ليست فيما يتسابق الناس فيه دعوة إخوة الإيمان للجوهر لا للمظاهر الزائفة دعوة للأخلاق والآداب قبل الزينة والثياب دعوة للقيمة الحقيقة لا للقشور البراقة كلنا على يقين أن معدناً زائفاً مطلياً مهما لمع وبرق لا يوازن أبداً بالذهب الخالص! والناس معادن كما قال عليه الصلاة والسلام دعوة لأبنائنا وبناتنا في مدارسهم: قيمتكم بأخلاقكم لا بملابسكم وأدواتكم دعوة لأبنائنا وبناتنا في الجامعة: قيمتك بالعلم والأدب لا بما تملك من جهاز محمول! أو تتزين به من لباس وعطر أو ما يبدو منك من حذائك إلى غطاء رأسك! وحاشا أن تكون قيمة الإنسان بذلك! وفي لغة الأرقام أجد عشرات المحلات التي تهتم بالزينة والاكسسوارات عدا عن محلات الملابس مما يتسابق فيه كثير من الناس، وتتسابق فيه النساء والفتيات، وربما تبذّلت لتبدو أجذب إلى الأنظار، حتى في لباس المدرسة! وغيره كل ذلك ضياع.. بُعدٌ عن الجوهر.. عن القيمة الحقيقية للإنسان كما أرادها لنا شرع ربنا، أسأل الله لي ولكم إيماناً يملأ قلوبنا، وخُلُقاً يسمو فوق كل المظاهر الزائفة، وسلوكاً يرضاه الله منا... في الخطبة الثانية: سؤال يُطرح ويتكرر... بِمَ يقابل المظلوم الظالم؟ وبالعودة إلى كتاب الله نجد قوله تعالى ( وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) لا شك أن صاحب المظلمة يحق له أن يرد مظلمته، بل يجب عليه أن يسعى بكل الأسباب لذلك حتى يستمر الظلم ولا يطغى الظالم، ولكن الله رغّب المظلوم /إن شاء/ أن يعفو ويصفح! ثم نقرأ ( ولَمَنِ انتصر بعد ظُلمه فأولئك ما عليهم من سبيل... ) هل عليّ من حرج إن ظُلِمتُ أن أسترد حقي، أن أطلب القصاص من الظالم؟ لا أيها الإخوة ويصدق هذا الجواب على سؤال آخر طرحه عليّ أحدهم: ما موقف من وقع عليه ضُرّ ممن أضرّ به؟ لا شك أنه لا ينبغي أن يرضى بالضر واقعاً به! والقاعدة الشرعية التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا ضرر ولا ضرار " وإن وقع الضر فـ /الضرر يُزال/ ولكن لا يزال الضرر بأشدّ منه، فـ /الضرورة تُقدّر بقدرها/ و /يُدفع الضرر الأكبر بالضرر الأقل/ حفاظاً على حقوق الناس وقد نجد ذلك كثيراً بين الورثة في تقسيم التركة، فيما بين الإخوة وفيما بين الأرحام والجيران، والقرابة فلنحذر! وفقني الله وإياكم لمنع الظلم وحفظ الحقوق وردها لأصحابها. الاستاذ الشيخ إبراهيم عبد الباقي
زوار منتدى علوم للجميع الكرام ,, يشرفنا كتابة ارائكم حول المواضيع المطروحة
[اضافة تعليق]
|