لا مزيد من الفيزياء والرياضيات، فدولة فنلندا ستُوقف تدريس المواضيع الفردية.

تُعتبر فنلندا من الدول التعليمية الرائدة في العالم، وقد بدأت في أكبر إصلاحاتٍ جذرية في قطاع التعليم، إذ تُخطّط فنلندا بحلول عام 2020 للتخلُّص من تدريس كلّ موضوع على حدة؛ كالرياضيات والكيمياء والفيزياء، وبدلًا من ذلك سيُدرَّس الطَلَبةُ الموضوعاتِ كاملةً، أو كما تسمّى (الظواهر الواسعة)، بحيث لا يكون هناك أسئلة أخرى حول (ما هي الفائدة من تعلُّم هذا؟!).
ماذا يعني ذلك بالضبط؟
على سبيل المثال، بدلًا من ساعةٍ في تعلُّم مادة الجغرافيا تليها ساعةٌ في مادة التاريخ، سوف يتعلّم الطلاب الآن ساعتين عن الاتحاد الأوروبي، والتي ستغطي اللغاتِ والاقتصادَ والتاريخَ والجغرافيا.
وكمثال آخر، فالطلاب الذين يأخذون مساق التعليم المهني قد يدرسون (خدمات الكافتيريا)، ويتضمّن ذلك تعلُّمهم الرياضياتِ واللغاتِ ومهاراتِ الاتصال، كما أفاد (ريتشارد غارنر) لصحيفة الإندبندنت. ولذلك فعلى الرّغم من أنّ الطلاب سوف يستمرّون في تعلُّم كلّ النظريات العلمية المُهِمّة، إلّا أنهم سوف يتعلمونها بطريقة أكثرَ تطبيقًا.
وقال (باسي ساليندار) مديرُ تطوير (هلسنكي) ما نصُّه: "إنّ ما نحتاج إليه الآنَ هو نوع مُختلِف من التعليم لإعداد الناس للحياة العملية، فالشبّان اليوم يستخدمون أجهزةَ الكمبيوتر المُتقدّمة جدًّا، أما في الماضي فكان لدى البنوك الكثير من المُوظَّفين الذين يَعملون في جمع الأرقام وتجهيز الحسابات. الآن تغيّر ذلك تمامًا؛ ولذلك علينا أنْ نقوم بالتغييرات الضرورية اللازمة لمُواكبة الصناعة والمُجتمع الحديث".
ويشجع النظام الجديد أيضًا أنواعَ مُختلِفة من التعلُّم، مثل الحلِّ التفاعليِّ للمُشكلات، والتعاونِ بين المجموعات الصغيرة للمُساعدة في تطوير مهارات مهنية جاهزة لسوق العمل.
وقالت (مارجو كايلونن) مُديرة التعليم في (هلسنكي) التي تقود برنامج التغيير: "نحن حقًّا بحاجة إلى إعادة النظر في التعليم، وإعادة تصميم النظام التعليميّ لدينا؛ لكي يكون أبناؤنا مُستعِدّين للمُستقبَل مع المهارات اللازمة لليوم والغد. هنالك مدارس ما زالت تنتهج طرائقَ تدريسية قديمة كانت تتناسب مع القرن العشرين، ولكنّ الاحتياجاتِ ليست نفسها، ونحن بحاجة إلى شيء يَصلُح للقرن الحادي والعشرين".
وبدأ التخلُّص من نظام تدريس كلِّ موضوع على حدة بشكلٍ تدريجيٍّ في مدارس عاصمة البلاد (هلسنكي) قبل عامين، والآنَ (70%) من مُعلِّمي المدارس الثانوية في (هلسنكي) مُدرَّبون على المنهاج التعليميّ الجديد.
والبيانات المُبكِّرة تُظهِر أنّ الطلابَ يَستفيدون بالفعل من النظام التعليميّ الجديد، وأشار تقريرُ الإندبندنت إلى أنّ النتائج القابلة للقياس لدى التلاميذ قد تحسَّنت منذ تطبيق النظام الجديد.
خطة كايلونن -التي ستُنشَر في وقتٍ لاحقٍ هذا الشهر- سوف تقترحُ تطبيقَ النظام الجديد في أنحاء فنلندا بحلول عام 2020 م.
وبالطبع، فهنالك بعض ردود الفعل من المُعلِّمين الذين قضَوا حياتَهم كلَّها مُتخصِّصين في موضوعاتٍ مُعيَّنة فقط، ولكنَّ الخطّة الجديدة تقترح عملَ المُعلِّمين من مُختلَف الاختصاصات معًا من أجل التوصُّل إلى مواضيعَ شاملةٍ للمناهج الجديدة، وسوف يَحصلون بالطبع على الأجر والتحفيز اللازمَين للقيام بذلك.
لدى فنلندا واحدٌ من أفضل أنظمة التعليم في العالم، الذي يُصنَّف باستمرار في قمّة التصنيف العالمي (PISA) في الرياضيات والعلوم والقراءة، وقد يُساعِدها هذا النظام الجديد بشكل مُتميِّز على المُحافَظة على هذا التصنيف.
إعداد: يوسف دعّاس.
تدقيق لغوي: محمد المسلم
الباحثون المسلمون
المصدر: جريدة independent