أفكار‬ الوحدة السادسة (علمي)،السابعة (أدبي)/النّقد الأدبيّ ومناهجه

‫#‏أفكار‬ الوحدة السادسة (علمي)،السابعة (أدبي)/النّقد الأدبيّ ومناهجه:
(‫#‏مقدّمة‬)
{النقد عمليّة وصفيّة تبدأ بعد عمليّة الإبداع ، وتستهدف قراءة الأثر الأدبيّ ومقاربته بهدف تبيان مواطن الجودة والرّداءة فيه.وللنقد أهميّة لأنّه يوجّه دفّة الإبداع ،ويساعدعلى النمو والازدهار،ويضيء السبيل للمبدعين. والنّقد متأثّر بالأدب ومؤثّر فيه.}
أوّلاً-‫#‏النقد‬ العربيّ القديم:
أ-عصر ماقبل الإسلام:(أحكام انطباعيّة وذوقيّة،موازنات ذات أحكام إثرائيّة مبنيّة على استنتاجات ذاتيّة،مارس المبدعون النّقد الذاتيّ لإبذاعاتهم بمراجعتها وتنقيحها(الحوليّات)(زهير بن أبي سلمى).
ب- العصر الإسلاميّ: ارتبط النقد بالمقياس الخلقيّ والقيميّ.
ت-العصران الأمويّ والعبّاسيّ: كتاب(نقدالشعر)لقدامة بن جعفر/أوّل كتاب نقدي في تراثنا/، (إعجاز القرآن)لأبي بكر الباقلانيّ/ أوّل من حلّل قصيدة شعريّة متكاملة/ . (الموازنة بين الطائيين)للآمديّ/أوّل دراسة نقديّة ممنهجة./. (منهاج البلغاء وسراج الأدباء) للقرطاجنيّ /بلغ النقد أوجه في دراسة ظاهرة التخيّل الأدبيّ والمحاكاة وربط الأوزان الشعريّة بأغراضها الدلاليّة/.
ثانياً-‫#‏مناهج‬ النقد العربيّ الحديث بداية القرن العشرين:
أ-المنهج التاريخيّ(النظريّة المدرسيّة): قسّم الأدب إلى عصور سياسيّة
/تاريخ الأدب العربيّ/ لـ عمر فرّوخ.
ب-المنهج الفنّيّ: يدرس الأدب بحسب الأغراض الفنيّة
/تطوّر الغزل بين الجاهليّة والإسلام /لـ شكري فيصل.
ت-المنهج التأثّريّ: اعتمد على الذوق والجمال في المفاضلة والأحكام
/في الميزان الجديد/ لـ محمّد مندور.
ث- المنهج الجماليّ: يبحث في مقوّمات الجمال في النصّ الأدبيّ
/مفاهيم الجماليّة والنقد في أدب الجاحظ/ لـ ميشال عاصي.
ثالثاً-‫#‏المناهج‬ النقديّة الحديثة:
1-‫#‏المنهج‬ الاجتماعيّ: يرى أنّ الأدب مرآة تنعكس على صفحتها مظاهر المجتمع السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة
/شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي/ لـ العقّاد.
أ-‫#‏العمل‬ الأدبي وفق المنهج الاجتماعيّ يظهر العلاقة الخلّاقة بين الوقائع الاجتماعيّة الخارجيّة والأعمال الأدبيّةالإبداعيّة:
(الرّبط بين الأدب والمجتمع)
‫#‏الأدب‬ يستمدّ مادته من الواقع فيعبّرعن هذا الواقع مصوّراً مافيه من مظاهر:
**البيّاتي: عبّر عن الواقع مصوّرا مافيه من شقاء وبؤس، فالواقع من دفعه إلى إنتاج النص.
/الشمس ،والحمر الهزيلة، والذّباب/ وحذاء جنديّ قديم/يتداول الأيدي،وفلّاح يحدّق في الفراغ:/"في مطلع العام الجديد/يداي تمتلئان حتما بالنقود/وسأشتري هذا الحذاء"/.
**الزيّات:ظاهرة تشرّد الأطفال
{هؤلاء الأطفال المشرّدون هم الّذين تراهم يطوفون طوال النّهار وثلثي الليل على القهوات والحانات ،كماتطوف الكلاب والهررة على دكاكين الجزارة ومطاعم العامّة.}
#الأدب يفضح مافي الواقع من تناقضات:
**البيّاتي:
/وصياح ديك فرّ من قفص ، وقدّيس صغير:/"ماحكّ جلدك مثل ظفرك"/و"الطريق إلى الجحيم من جنّة الفردوس أقرب"والذباب/ والحاصدون المتعبون:/ "زرعوا ولم نأكل/ونزرع صاغرين فيأكلون"/
‫#‏يعكس‬ رؤيته لهذا الواقع مديناً الاستغلال والجشع والفساد:
**البيّاتي:
والحاصدون المتعبون:/ "زرعوا ولم نأكل/ونزرع صاغرين فيأكلون"/والعائدون من المدينة:"يالها وحشاً ضرير!/صرعاه موتانا ، وأجساد النساء والحالمون الطيّبون"./
**القرنفليّ:
يتناقشون ويضغطون /على الشّفاه ويسألون:/الجوع؟ صنع النّاهبين الشعب ، صنع الأغنياء/أخذوا المعامل والحقول وطوّقونا بالقضاء./
‫#‏يعيد‬ رؤيته للواقع فنّاً طليعيّاً يمثّل رؤيته للمستقبل:
**القرنفليّ:
ومشت جموع المؤمنين / تطأ الدّجى ، تطأ السنين/ اقرأ:هو الفتح المبين/ اسمع هدير الكادحين:/ الموت للمستعمرين/ النّار للمستثمرين./
ب-‫#‏عزّز‬ المذهب الواقعيّ التوجّه الاجتماعيّ لدراسة الأدب
(كونه انعكاساً وتمثيلاً للحياة)وعمّقت الواقعيّة الجديدة هذا الاتّجاه النّقديّ:
قبل الحرب العالميّة الثانية اكتفى الأدب الواقعيّ بإلقاء الضوء على المشكلات بغية إثارة المشاعر الإنسانيّة وكشف الطريق إلى حلّها
(رؤية إصلاحيّة):
**الزيّات (الطفولة المشرّدة):{بالله!ماذنب هذا الطفل الشريد إذا كان القدر قد اختار له ذلك الأب البائس؟هل من طبيعة الحيّ أن يلقي أفلاذ كبده مختارا في مدارج الطرق تطؤها الأقدام ، وتتحيّفها المكاره؟}
بعد الحرب العالميّة الثانية تطلّب من الأديب إعمال فكره في المشكلات الاجتماعيّة وطرح الحلول المناسبة برؤية فكريّة ثوريّة تفاؤليّة(أدب الالتزام):
**القرنفلي:
قل للرفاق التائهين /في الشرق تمضغه السنون:/فقراؤنا قد حطّموا حكم القناعة واستفاقوا/الجوع ليس من السماء،
فمن إذا؟...وهنا أفاقوا /ومضوا فمن متسوّلين /على الرّصيف لثائرين./
ت-‫#‏أصحاب‬ المنهج الاجتماعيّ يرون أنّ كلّ عمل أدبيّ يتضمّن رؤيته للعالم والعصر حين يعبّر عن الوعي الاجتماعيّ المتحقّق والممكن في الآن ذاته:
**القرنفلي:
لالم نعد مايزعمون –وكنت- أزعم –كالقطيع/قدر ، وكنز قناعة ،وضراعة، خلف الدّموع/ لا....لم نعد مايزعمون/مايزعم المتأنّقون./
ث-‫#‏لم‬ يغفل المنهج الاجتماعيّ الجانب الفردي في دراسة الأعمال الأدبيّة بل اعتمد عليه لشرح العلاقة بينها وبين الوعي الجماعيّ عندما أبرز قدرة الأديب على تمثّل وصياغة رؤيته للعالم.
**وداد السكاكيني:{ويرفع الولد إلى ظالمته عينين فارقهما الذّبول،ولاحت فيهما الطمأنينة،وأخذ ينظر إلى أمّه،وقد تجلّد،وأراد أن يكون شجاعاً ليردّ عليها ، ولكنّ الأمّ سبقته وقالت للمرأة الظالمة العقيم:لاتنسي أنّ خبز اليتيم مرّ.}
ج- ‫#‏يكتب‬ الأديب بأسلوب واضح يهتمّ بالتفاصيل الدقيقة واللغة الواقعيّة المألوفة:
**البيّاتي:
وخوار أبقار، وبائعة الأساور والعطور/كالخنفساء تدبّ:"قبّرتي العزيزة" ياسدوم!/لن يصلح العطّار ماأفسد الدّهر الغشوم./
ح- ‫#‏تحديد‬ الزّمان والمكان المعبّر عن الواقع خير تعبير:
**البياتي:
والشمس في كبد السماء/وبائعات الكرم يجمعن السلال:"عينا حبيبي كوكبان/وصدره ورد الربيع/والسوق يقفر والحوانيت الصغيرة والذّباب/يصطاده الأطفال،والأفق البعيد/ وتثاؤب الأكواخ في غاب النخيل./
خ-‫#‏الاتّكاء‬ على التّراث:
**البياتي:
/وصياح ديك فرّ من قفص ، وقدّيس صغير:/"ماحكّ جلدك مثل ظفرك"/و"الطريق إلى الجحيم من جنّة الفردوس أقرب"والذباب/ والحاصدون المتعبون:/ "زرعوا ولم نأكل/ونزرع صاغرين فيأكلون"/
د-‫#‏الأديب‬ يحمّل شخصياته التّصوّرات الّتي تدور في خلده:
**البيّاتي:
/الشمس ،والحمر الهزيلة، والذّباب/ وحذاء جنديّ قديم/يتداول الأيدي،وفلّاح يحدّق في الفراغ:/"في مطلع العام الجديد/يداي تمتلئان حتما بالنقود/وسأشتري هذا الحذاء"/.
**وداد السكاكيني: :{ويرفع الولد إلى ظالمته عينين فارقهما الذّبول،ولاحت فيهما الطمأنينة،وأخذ ينظر إلى أمّه،وقد تجلّد،وأراد أن يكون شجاعاً ليردّ عليها ، ولكنّ الأمّ سبقته وقالت للمرأة الظالمة العقيم:لاتنسي أنّ خبز اليتيم مرّ.}
ذ-‫#‏المزاوجة‬ بين مختلف وسائل الأداء الفنّيّ للتعبير عن المحتوى الجديد (الرّمزية،الأسطورة، المثل القريب،الصورة،النّجوى):
**البيّاتي: وخوار أبقار، وبائعة الأساور والعطور/كالخنفساء تدبّ:"قبّرتي العزيزة" ياسدوم!/لن يصلح العطّار ماأفسد الدّهر الغشوم./
ر-‫#‏التّطلّع‬ إلى علاقات جديدة والتفاؤل بمجتمع جديد ينتفي الظلم والاستغلال:
**سميح القاسم:
وهناك في الأفق القريب ...هناك في الأفق البعيد/ليست تتمّ الأرض دورتها بلا نصر جديد/فاحمل لواءك ..وامض...في
هذا الطريق.../أبدا على هذا الطريق!!/شرف السواقي ..أنّها تفنى فدى النهر العميق./
2-#المنهج النّفسيّ:يدرس الأنماط أو النماذج النّفسيّة في الأعمال الأدبيّة ،ويربط بين العمل الأدبيّ والحالة النفسيّة للأديب،ودلالة هذا العمل شخصيّة صاحبه.
أ-‫#‏يعدّ‬ الأدب تعبيراً عن اللاوعيّ الفرديّ المتجلّي بتفاعلات الذّات وصراعاتها الداخليّة:
**ابن الروميّ:
أذاقتني الأسفار ماكرّه الغنى إليّ، وأغراني برفض المطالب
فأصبحت في الإثراء أزهد زاهدٍ وإن كنت في الإثراء أرغب راغب
حريصا جبانا أشتهي ثمّ أنتهي بلحظي جناب الرّزق لحظ المراقب
ومن راح ذا حرص وجبن فإنّه فقير، أتاه الفقر من كلّ جانب
ب-‫#‏النصّ‬ يكشف عن طبيعة مبدعها ونمطه النّفسيّ:
**ابن الرّوميّ:
أخاف على نفسي وأرجو مفازها وأستار غيب الله دون العواقب
ألا من يريني غايتي قبل مذهبي ؟ ومن أين والغايات بعد المذاهب
ت-‫#‏يكشف‬ عن أثر الأزمات النفسيّة في طريقة تفكيره وتسويغه حالته :
**ابن الروميّ:
ولمّا دعاني للمثوبة سيّد يرى المدح عاراً قبل بذل المثاوب
تنازعني رغب ورهب كلاهما قويّ ، وأعياني اطّلاع المغايب
فقدّمت رجلا رغبة في رغيبة وأخّرت رجلا رهبة للمعاطب
أخاف على نفسي وأرجو مفازها وأستار غيب الله دون العواقب
ث-#يكشف ويعبّر عن اللاوعيّ الجمعيّ وأثره في طريقة التخيّل والتّصوير والشعور:
**القرنفليّ: قل للرفاق التائهين /في الشرق تمضغه السنون:/فقراؤنا قد حطّموا حكم القناعة واستفاقوا/الجوع ليس من السماء،
فمن إذا؟...وهنا أفاقوا /ومضوا فمن متسوّلين /على الرّصيف لثائرين./ يتناقشون ويضغطون /على الشّفاه ويسألون:/الجوع؟ صنع النّاهبين الشعب ، صنع الأغنياء/أخذوا المعامل والحقول وطوّقونا بالقضاء./
(‫#‏خاتمة‬)
{هذه لمحة موجزة عن المناهج العربيّة النقديّة ولا سيّما الحديثة والمعاصرة، حاولنا فيها التعرّف على منهجين هما: الاجتماعيّ والنفسيّ ،وكيفيّة معالجتهما للنص الأدبيّ انطلاقا من المجتمع ونفسيّة مبدعه.والحديث في ذلك يطول.}
أتمنّى أن أكون قد أفدت
الأستاذ سامر عتّوق - علوم للجميع