تفسير اواخر سورة النور

نعود للآيات الأولى في حدّ الزنى ونرى أنه لا تطبيق لهذا الحدّ إلا إذا تحققت هذه الضمانات الاجتماعية أولاً وبعدها لو حدثت حادثة زنا لا يقام الحد حتى يشهد أربع شهود ومن غير الشهود لا يطبق الحدّ فكأن إقامة الحد مستحيلة وكأنما في هذا توكيد على أن الله يحب الستر ولا يفضح إلا من جهر بالفاحشة ولنا أن نتخيل أي إنسان يزني أمام أربع شهود إلا إذا كان فاجراً مجاهراً عندها هذا هو الذي يقام عليه الحدّ حتى لا يفسد المجتمع بفجوره وتجرئه على الله وعلى أعراض الناس في مجتمعه, هذا التشبيه كأنه يدلّ على أن النور حتى نحافظ عليه مضيئاً يجب أن نحيطه بما يحفظه والفتيل الذي به نشعل النور إنما هو الآية الأولى في السورة هذه الآية الشديدة التي تحرك الناس لإضاءة مصباح مجتماعاتهم الصالحة بتحقيق الضمانات الأخلاقية حتى يبقى النور مشعّاً, تهتم السورة بالآداب الاجتماعية عامة وآداب البيوت خاصة وقد وجّهت المسلمين إلى أسس الحياة الفاضلة الكريمة بما فيها من توجيهات رشيدة وآداب سامية تحفظ المسلم ومجتمعه وتصون حرمته وتحافظ عليه من عوامل التفكك الداخلي والانهيار الخلقي الذي يدمّر الأمم. الاتتذكر لقد كانت عين ربك عليك فلقد وجدتك يتيما فآويتك وضالا لكن لست مضل تريد أن تعرف الحق والحقيقة فهديتك إلى الحق والحقيقة ووجدتك عائلا فأغنيتك لذلك لاتقهر يتيما ولا تنهر سائلا وحدث بنعمة ربك عليك فانك لست كالناس أنت مميز عنهم أنت من المصطفين والمقربين منى, والملاحظ في هذه السورة تقديم الزانية على الزاني وكما يقول الدكتور أحمد الكبيسي في هذا التقديم أن سببه أن المرأة هي التي تقع عليها مسؤولية الزنا فهي لو أرادت وقع الزنا وإن لم ترد لم يقع فبيدها المنع والقبول, وسميّت سورة النور لما فيها من إشعاعات النور الربًاني بتشريع الأحكام والآداب والفضائل الإنسانية التي هي قبس من نور الله على عباده وفيض من فيوضات رحمته. أوحى الله لرسوله أجمل الكلمات فيبدأ يقسم رب العزة بآياته الظاهرة فيما خلق بالضحى والليل إذا سجى - ليقول لرسوله ماودعتك ومانسيتك واعدك أن لك عندناى في الآخرة خير من الأولى ولسوف اعطيك حتى ترضى أي ماتريد حتى ترضى. فالله يأمرنا بأن نطبق هذه العقوبة بعد أن نستكمل بعض الضمانات لحماية المجتمع التي تتحدث عنها بالتفصيل الآيات التالية في السورة, وراء المعاني والحقائق المباشرة التي تعبر عنها نصوصها حتى لتكاد كل آية – وأحياناً كل كلمة في الآية – أن تفتح كوة على عالم مترامي الأطراف من الحقائق, وبين المشاهد الكونية والحقائق الموضوعية في السورة تناسق مطلق دقيق ملحوظ يتضح من استعراض السورة في سياقها القرآني الجميل, ويفند ابن تيمية في تفسيرها اقوال المبطلين من أهل الملل والنحل الأخرى الذين انحرفوا وضلوا في تفسير وحدانية الله فدعوا له شريك, بعد ذلك تجيء التعقيبات المتوالية القصيرة متضمنة تلك الأمور العظيمة في شأن الدعوة والعقيدة والتصور الايماني الأصيل, والأصل في الدين الرأفة والرحمة أما في أحوال الزناة فالأمر يحتاج إلى الشدة والقسوة وإلا فسد المجتمع جرّاء التساهل في تطبيق شرع الله وحماية حدوده, فلو طبّق المجتمع الإسلامي الضمانات التي أوردتها الآيات في السورة لشعّ النور في المجتمع ولخرج الناس من الظلمات إلى النور, والمهم هنا ألا يقوم الشخص باستعمال القابليات الممنوحة له استعمالا سيئا وفي اتجاهات خاطئة, وإن هنالك عذاباً شديداً ونعيماً كبيراً وفي هذه السورة إيقاعات فيها حدة يشارك فيها نوع المشاهد, مع التلميح إلى عظمة العقيدة التي تعالت على فتنة الناس مع شدتها وانتصرت على النار والحياة ذاتها, هذه الآية التي سميّت السورة باسمها فيها من الإعجاز ما توقف عنده الكثير من العلماء, فلو كان قد وقع في معصية ولم يكن له إلا ثلاث شهود لا يقام عليه الحد ويجب عليه التوبة والاستغفار ولهذا جاءت في السورة آيات التوبة والمغفرة. حذّرنا الله في هذه السورة من قذف المحصنات وبيّن لنا العقوبة التي تقع على هؤلاء وهي لعنة الله وعذابه في الدنيا والآخرة. وهذه التوجيهات إلى إكرام اليتيم والنهى عن قهره وإذلاله – هذه من أهم إيحاءات الواقع في البيئة الجاحدة. تماما كما جاء في انفتاح لفظ (الآخرة) في الآية التي قبلها, والموضوع هو أن فئة من المؤمنين السابقين على الإسلام – قيل إنهم من النصارى الموحدين – ابتلوا بأعداء لهم طغاة قساة, والحقيقة أن مثل هذه العاقبة الجميلة واردة بحق كل من اقتدى بالنبي فعاش حياته ضمن إطار أوامر ربه ونواهيه, فالسورة بشكل عام هي لحماية أعراض الناس وهي بحقّ سورة الآداب الاجتماعية, وهي حقيقة تتصل اتصالا مباشرأًبالحياة التي أزهقت في الحادث, إنه رضا متزايد باستمرار يرافقه في دنياه ويبلغ منتهاه في آخرته. الذي ينتظر المؤمنين الذين اختاروا عقيدتهم على الحياة. إشارة إلى ملك الله في السماوات والأرض وشهادته وحضوره الله لكل ما يقع في السماوات والأرض. وذكر فضائلها وما فيها من الدلائل البينات على وحدانية الله سبحانه وتعالى. وهذه العلامات هي أن الله وجده يتيما فآواه ووجده ضالا فهداه ووجده عائلا فقيرا فأغناه, فلقد لعن الله الذين يشيعون الفاحشة أو يرمون المحصنات وحذرهم من عذابه في الدنيا والآخرة. فسّر فيها سورة الإخلاص مبينًا ما اشتملت عليه من تقرير توحيد الله تعالى, غير موحش ولا غريب وبعد هذا الإيحاء الكوني يجيئ التوكيد المباشر, وارتفعت إلى الأوج الذي يشرف الإنسان في أجياله جميعاً, ويقدم له بعد ذلك علامات من التحسن التدريجي الذي حصل في حاله, تحدثت السورة عن مواضيع حد الزنى وقذف المحصنات وحادثة الإفك وغض البصر والحجاب والاستئذان, وَمَا حَبَاهُ الَّلهُ بـِهِ مِنَ الفَضْلِ وَالإِنْعَامِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ, فالعطاء والرضا يحصل له ابتداء من الغد ويمتد إلى الأبد, يتحدث فيه مؤلفه ابن تيمية (661-728) عن تفسير سورة الإخلاص. فتجد نفسك بين شلالات السعادة المادية والروحية والفكرية, والضامن الثاني لذلك الصدق هو مجيء الوعد أو الخبر مسبوقين بلام القسم. وكل ذلك تطور ملموس في حاله يكفي للاطمئنان إلى حصول التطور نحو الأفضل فيما سيستقبل من حياته. إلى جانب الارتفاع والبراءة والتطهر من جانب المؤمنين, مثلما عاش النبي حياته ملتزما بأوامر ربه ومجتنبا لنواهيه. تربط بين هذا كله وبين الحادث ونقمة السماء على أصحابه البغاة, وبيان ضلال اليهود والنصارى في تعبيرهم عن الربّ.

• تفسير اواخر سورة البقرة
• تفسير اواخر سورة الكهف
• تفسير اواخر سورة ال عمران
• تفسير اواخر سورة الحشر
• تفسير اواخر سورة المائدة
• تفسير اواخر سورة البقرة في المنام
• تفسير اواخر سورة الفرقان
• تفسير اواخر سورة هود
• تفسير اواخر سورة الزمر
• تفسير اواخر سورة النور