تفسير غزوة خيبر

«تنازع سنان بن وبر الجهني حليف بني سالم من الأنصار وجهجاه بن سعيد الغفاري الكناني على الماء فضرب جهجاه سنانا بيده فنادى سنان يا للأنصار ونادى جهجاه يا لقريش يا لكنانة فأقبلت قريش سراعا وأقبلت الأوس والخزرج وشهروا السلاح فتكلم في ذلك ناس من المهاجرين والأنصار حتى ترك سنان حقه وعفا عنه واصطلحوا, غَزْوَةُ بَنِي النُضِير حدثت في السنة الرابعة للهجرة في ربيع الأول في منازل بني النضير جنوب المدينة المنورة بين قوات المسلمين في المدينة ويهود بني النضير الذين بلغ عددهم 1500, ورافع بن سهل بن عبد الأشهل رجعا من أحد وبهما جراح كثيرة وعبد الله أثقلهما من الجراح فلما أصبحوا وجاءهم سعد بن معاذ يخبرهم أن رسول الله يأمرهم بطلب عدوهم قال أحدهما لصاحبه والله إن تركنا غزوة مع رسول الله لغبن والله ما عندنا دابة نركبها وما ندري كيف نصنع قال عبد الله انطلق بنا قال رافع لا والله ما بي مشي. وكان عدد المقاتلين المسلمين وقتها ألف وثمان مائة مقاتل فقط لأن النبي محمد قرر أن يقاتل معه في هذه المعركة كل من كان في صلح الحديبية فقط وهم الذين سوف يُقسم عليهم الغنائم أما من زاد عليهم فله ثواب الجهاد فقط وليس له غنائم, وصح عنه تعليل التحريم بأنها رجس وهذا مقدم على قول من قال من الصحابة إنما حرمها لأنها كانت ظهر القوم وحمولتهم فلما قيل له فني الظهر وأكلت الحمر حرمها وعلى قول من قال إنما حرمها لأنها لم تخمس وعلى قول من قال إنما حرمها لأنها كانت حول القرية وكانت تأكل العذرة وكل هذا في «الصحيح» لكن قول رسول الله إنها رجس مقدم على هذا كله لأنه من ظن الراوي وقوله بخلاف التعليل بكونها رجسًا. تكتسب هذه الغزوة أهمية خاصة في التاريخ الإسلامي لوقوع حادثة الإفك فيها وللمحاولات التي بذلها المنافقون لتمزيق وحدة المسلمين بإيجاد الشقاق بين المهاجرين والأنصار, ونزل أهل العوالي حيث جاءهم الصريخ ثم ركع رسول الله ركعتين فدعا بفرسه على باب المسجد وتلقاه طلحة وقد سمع المنادي فخرج ينظر متى يسير رسول الله فإذا رسول الله عليه الدرع والمغفر وما يرى منه إلا عيناه فقال يا طلحة سلاحك فقلت, كما فشلت أيضًا محاولة السرية الإسلامية التي كانت بقيادة عمرو بن أمية الضمري في اغتيال أبي سفيان, ولم ينزل وحي في القضية إلا بعد شهر كامل حين نزل بتبرئة السيدة عائشة من التهمة الشنيعة التي أثارها المنافقون حولها واشترك فيها بعض المؤمنين. سمع النبي محمد باجتماع قبيلة بني المصطلق مع زعيمهم الحارث بن أبي ضرار لتجهيز الخيل والسلاح استعدادها للإغارة على المدينة, نتجار ونقصد فخرجا يزحفان فضعف رافع فكان عبد الله يحمله على ظهره عقبة ويمشي الآخر عقبة حتى أتوا رسول الله عند العشاء وهم يوقدون النيران فأتي بهما إلى رسول الله - وعلى حرسه تلك الليلة عباد بن بشر - فقال ما حبسكما ؟ فأخبراه بعلتهما. ومع أن هذه الغزوات والسرايا بصفة عامة لم تكن من المعارك الضخمة إلا أن تأثيرها كان عميقًا على أهل الجزيرة سواء من المسلمين أو المشركين أو اليهود أو المنافقين أو الأعراب. فعلى الناس أن يعلموا أن الله الذي أجلى هؤلاء وأزالهم بعد أن ظنَّ الناس أن حصونهم مانعتهم - قادرٌ على أن يزيل غيرهم من الكافرين والمتكبرين والظالمين بشرط أن يصلح الناس أحوالهم, واختلف أهل المغازي هل جري هناك قتال في أي حصن من حصونها الثلاثة أم لا؟ فسياق ابن إسحاق صريح في جريان القتال لفتح حصن القموص, أرشدهم صفوان وما كان برشيد والذي نفسي بيده لقد سومت لهم الحجارة ولو رجعوا لكانوا كأمس الذاهب فانصرف القوم سراعا خائفين من الطلب لهم ومر بأبي سفيان نفر من عبد القيس يريدون المدينة, وقد كنت حريصا على الحضور ولكن أبي خلفني على أخوات لي وقال يا بني لا ينبغي لي ولك أن ندعهن ولا رجل عندهن وأخاف عليهن وهن نسيات ضعاف وأنا خارج مع رسول الله لعل الله يرزقني الشهادة. كما أن من الدروس العظيمة في غزوة بني النضير بيان حال المنافقين وكشف العلاقة الوطيدة بينهم وبين أهل الكتاب من اليهود والنصارى. فمنهم من رأى الانتصارات المتعددة والغنائم الكثيرة التي جاءت في السرايا والغزوات التي أعقبت الأحزاب, أما السرية الثانية في شهر شوال فكانت بقيادة عبد الله بن رواحة ومهمتها اغتيال اليُسير بن رِزام أمير خيبر وهو من أكابر اليهود. كما كانت ممراً للعديد من الجيوش القادمة من الشمال الغربي لشبه القارة الهندية مثل الإغريق اليونان والإنكليز وغيرهم, وتأليبها المستمر على المسلمين لا يكون إلا بالغزو المباشر وحربها حربا فاصلة كتلك الحروب التي تمت قبل ذلك مع يهود بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة. ولما رجع النبي إلى المدينة رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا منحوهم إياها من النخيل حين صار لهم بخيبر مال ونخيل. ثم أخذوا في الاتصال بالمنافقين - الطابور الخامس في المجتمع الإسلامي - وبغطفان وأعراب البادية, مدينة خيبر هي مدينة مليئة بالحصون وبها ماء من تحت الأرض وطعام يكفيها سنوات وبها عشرة آلاف مقاتل من اليهود منهم آلاف يجيدون الرمي, وأمن منه تماماً بعد صلح الحديبية أراد أن يحاسب الجناحين الباقيين ـ اليهود وقبائل نجد ـ حتى يتم الأمن والسلام, كانت الممر عبر التاريخ طريقاً تجارياً هاماً بين شبه القارة الهندية وآسيا الوسطى. قال جابر وكان عامة زادنا التمر وحمل سعد بن عبادة ثلاثين جملا حتى وافت الحمراء وساق جزرا فنحروا في يوم اثنين وفي يوم ثلاثا, وردًّا على محاولة أبي سفيان لاغتيال محمد ﷺ عندما أرسل أعرابيًّا إلى المدينة لهذا الغرض وفشلت محاولة الأعرابي, ولا شك أن هذه الآثار الكثيرة كانت تشير إلى أن هناك حدثًا كبيرًا ستمر به المنطقة سيكون له أبلغ الأثر في تغيير الأوضاع. وكان الذي قتل المبارز الثاني هو البطل المشهور أبو دُجَانة سِمَاك بن خَرَشَة الأنصاري صاحب العصابة الحمراء, وكانت حادثة الإفك هذا من أشد الأزمات التي مرت بالمسلمين وواحدة من أهم نقاط الخلاف بين المسلمين السنة والشيعة. إلا أن هذه الغزوة اكتسبت أهمية خاصة في السيرة النبوية لخطورة الآثار الخبيثة التي تسبب فيها المنافقون, أتت هذه الغزوة بعد محاولة يهود بني النضير اغتيال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إذ جائهم طالباً مساعدتهم في دية قتيلين, كانت الفتنة الأولى هي الإيقاع بين المهاجرين والأنصار على السقاية من بئر من آبار المنطقة. ولعل في ذلك مزيداً من بيان ما اختص الله تعالى به نبيه من الحفظ والعصمة من أيدي الناس وكيدهم تنفيذاً لوعده جل جلاله. وكان من بين السبايا جويرية بنت الحارث ابنة زعيم بني المصطلق الحارث بن ضرار, ليحرم القبائل المحيطة به من أي مركز يمكن أن يعتمدوا عليه في مهاجمة الدولة الإسلامية الناشئة. وأن تكون الخطوة الأخيرة هي الاستيلاء على خيبر وغيرها من المراكز اليهودية شمال الحجاز وخاصة خيبر وفدك ووادي القرى.

• تفسير غزوة الاحزاب
• تفسير غزوة بدر
• تفسير غزوة بدر في المنام
• تفسير غزوة حنين
• تفسير غزوة حمراء الاسد
• تفسير غزوة بني قريظة
• تفسير غزوة الخندق في المنام
• تفسير غزوة في المنام
• تفسير غزوة مؤتة
• تفسير غزوة خيبر